مذكرات مرر: ثورة في فهم بناء هرم الجيزة الأكبر

بيير تاليه ينشر “مذكرات مرر”: نظرة ثورية على بناء هرم الجيزة الأكبر


بيير تاليه ينشر “مذكرات مرر”: نظرة ثورية على بناء هرم الجيزة الأكبر

في عام 2017، قام بيير تاليه، عالم المصريات البارز ورئيس الفريق الذي اكتشف أقدم البرديات المصرية المعروفة، بنشر عملً monumental بعنوان Les Papyrus de la Mer Rouge I. Le “Journal de Merer” (برديات البحر الأحمر الأول: “مذكرات مرر”). هذا العمل المنشور بثلاث لغات (الفرنسية، الإنجليزية، والعربية) يقدم نظرة غير مسبوقة على العمليات اللوجستية واليومية التي كانت تدور حول بناء هرم الجيزة الأكبر خلال عهد الفرعون خوفو (حوالي 2500 قبل الميلاد). المذكرات، التي كتبها مفتش يُدعى مرر، توثق نقل كتل الحجر الجيري من محاجر طرة إلى موقع البناء في الجيزة، مما يقدم لنا نظرة حميمية ونادرة على حياة أولئك الذين ساهموا في بناء أحد أكثر الهياكل شهرة في العالم القديم.

اكتشاف مذكرات مرر

تم العثور على البرديات في وادي الجرف، وهو ميناء قديم على ساحل البحر الأحمر كان يُستخدم كمركز لوجستي حيوي خلال الأسرة الرابعة. هذا الموقع، الذي يعود إلى عهد خوفو، كشف عن مجموعة من البرديات، من بينها مذكرات مرر التي تُعتبر الأكثر أهمية. المذكرات، المكتوبة بالخط الهيراطيقي، هي واحدة من أقدم البرديات المعروفة من مصر القديمة وتقدم سجلاً تفصيليًا لأنشطة مرر وفريقه على مدى عدة أشهر.

مرر، المفتش (sHD) ومسؤول ذو رتبة متوسطة، كان مسؤولًا عن الإشراف على نقل كتل الحجر الجيري من محاجر طرة إلى موقع بناء الهرم الأكبر. تدوينات المذكرات، وإن كانت مختصرة، تكشف عن عملية منظمة وفعالة. فريق مرر، المكون من حوالي أربعين بحارًا، كان يقوم برحلات منتظمة بين طرة والجيزة، لينقل حوالي 200 كتلة من الحجر الجيري كل شهر. كانت كل كتلة تزن ما بين 2 إلى 3 أطنان، وكان الفريق يكمل رحلتين أو ثلاث رحلات ذهابًا وإيابًا كل عشرة أيام.

محتوى المذكرات

تغطي المذكرات فترة من يوليو إلى نوفمبر، وهي الفترة التي يُعتقد أنها تتوافق مع العام السادس والعشرين من حكم خوفو. على الرغم من أن التدوينات لا تُشير صراحةً إلى أن كتل الحجر الجيري كانت مخصصة للهرم الأكبر، إلا أن التوقيت والسياق يشيران بقوة إلى أنها كانت تُستخدم في الكسوة الخارجية للهرم. توفر المذكرات سجلاً يوميًا لأنشطة مرر، بما في ذلك تحميل وتفريغ الأحجار، وصيانة السدود، وتنسيق العمالة.

فيما يلي بعض المقتطفات الرئيسية من المذكرات، كما ترجمها وأعاد تنسيقها روجر بيرس:

  • اليوم الثالث: يبحر مرر وفريقه من القصر الملكي، متجهين صعودًا نحو طرة، حيث يقضون الليل.
  • اليوم الرابع: يغادرون طرة في الصباح، ويبحرون نزولًا نحو الجيزة (المشار إليها باسم آخت خوفو، “أفق خوفو”).
  • اليوم الخامس: رحلة أخرى من طرة إلى الجيزة، مما يسلط الضوء على انتظام هذه الرحلات.
  • الأيام 11-14: يعمل مرر وفريقه على سد رو-شا خوفو، وهو هيكل يُعتقد أنه مرتبط بإدارة الموارد المائية بالقرب من موقع بناء الهرم.
  • الأيام 25-30: يقوم الفريق بسحب الأحجار في طرة ونقلها إلى الجيزة، مما يُظهر الطبيعة المتكررة ولكن الحاسمة لعملهم.

تذكر المذكرات أيضًا أنخهاف، أخو خوفو غير الشقيق ومدير الأعمال، الذي أشرف على بناء الهرم. هذا المرجع يؤكد على الهيكل الهرمي للمشروع ومشاركة المسؤولين رفيعي المستوى في تنفيذه.

أهمية المذكرات

تُعتبر مذكرات مرر اكتشافًا ثوريًا لعدة أسباب:

  1. البصيرة التاريخية: توفر سجلاً مباشرًا للأنشطة اليومية المتعلقة ببناء الهرم الأكبر، مما يلقي الضوء على تنظيم العمالة، واللوجستيات، والممارسات الإدارية في مصر القديمة.
  2. الدقة الزمنية: الخط الزمني التفصيلي للمذكرات يسمح للباحثين بإعادة بناء تسلسل الأحداث وفهم الوتيرة التي تم بها بناء الهرم.
  3. الجانب الإنساني: من خلال التركيز على تجارب مرر وفريقه، تُجسد المذكرات عملية البناء، مما يذكرنا بأن الهرم بُني بواسطة أشخاص حقيقيين لديهم أدوار ومسؤوليات محددة.
  4. الفهم التكنولوجي: تقدم المذكرات أدلة حول الطرق المستخدمة لنقل وتداول الكتل الحجرية الكبيرة، مما يساهم في النقاشات المستمرة حول تقنيات الهندسة المصرية القديمة.

الخاتمة

يُمثل نشر بيير تاليه لمذكرات مرر علامة فارقة في علم المصريات. من خلال ترجمة وتحليل هذا النص القديم، قدم تاليه للباحثين والمهتمين فهمًا أعمق لعملية بناء الهرم الأكبر في الجيزة. لا تُلقي المذكرات الضوء فقط على الجوانب التقنية واللوجستية للمشروع، بل تُحيي أيضًا ذكرى الأفراد الذين ساهموا في هذا الإنجاز الضخم. بينما نواصل دراسة وتفسير هذه السجلات القديمة، نكتسب تقديرًا أكبر لبراعة وتفاني المصريين القدماء، الذين لا يزال إرثهم يلهمنا حتى يومنا هذا.

تُعتبر مذكرات مرر شهادة على القوة الخالدة للسجلات المكتوبة وقدرتها على ربط الماضي بالحاضر، مما يمنحنا لمحة عن حياة أولئك الذين شكلوا التاريخ.ي التاريخ، وهو بناء الهرم الأكبر.

  • #مذكرات_مرر
  • #برديات_وادي_الجرف
  • #بيير_تاليه
  • #اكتشاف_برديات
  • #الخط_الهيراطيقي
  • #الأسرة_الرابعة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

المزيد من المنشورات. قد يهمك أيضاً.